الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 10 مارس 2022 - 7 شعبان 1443هـ

تعظيم المنهج السلفي (4)

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فسنتكمل بعض أهم ملامح ومعالم المنهج السلفي، ومن هذه الملامح:

4- ظواهر النصوص مطابقة لمراد الشارع:

الأصل في التعامل مع نصوص المنهج (الكتاب والسنة) إجراؤها على ظواهرها، مع العقيدة الراسخة أن ظاهر النصوص يطابق مراد المتكلم؛ فلا نحتاج إلى تأويل أو تحريف، وإلا عطلنا النص عن المراد منه وبعدنا النص عن مراد المتكلم، فالنصوص نزلت لهداية الناس وليس لإغوائهم أو ضلالهم؛ فناسب ذلك أن تكون ظواهر النصوص دالة على مراد المتكلم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"، وقال: "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ"؛ فكيف يكون ميسرًا إذا كانت ظواهر نصوصه غير مقصودة، وكيف يكون موعظة إذا كانت نصوصه مبهمة وغامضة المعاني، "تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا".

وإن لم تكن ظواهر النصوص مطابقة لمراد المتكلم ما كان للجن أن يفهموا القرآن، ولا يتكلموا به أنه يهدي إلى الرشد، قال تعالى: "قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا".

5- لا تعارض بين نصوص الكتاب والسنة:

فالقرآن والسنة خرجا من مشكاة واحدة؛ فلا تعارض ولا اختلاف بين نصوصهما، قال تعالى: "أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا".

سنة النبي صلى الله عليه وسلم وحي من ربه: قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى"؛ فكيف يكون تعارض، والله تعالى أمرنا برد التنازع إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْـرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"، "وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أُوتيتُ القرآنَ ومثلُه معه، ألا يُوشِكُ رجلٌ شبعانٌ على أريكتِه يقول: عليكم بهذا القرآنِ، فما وجدتم فيه من حلالٍ فأحِلُّوه، وما وجدتم فيه من حرامٍ فحرِّموهُ، ألا وإنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ كما حرَّمَ اللهُ تعالى".

- فهم الصحابة رضي الله عنهم لنصوص الكتاب والسنة وأنه لا تعارض: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ قالَ: فَبَلَغَ ذلكَ امْرَأَةً مِن بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ القُرْآنَ، فأتَتْهُ فَقالَتْ: ما حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أنَّكَ لَعَنْتَ الوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقالَ عبدُ اللهِ: وَما لي لا أَلْعَنُ مَن لَعَنَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو في كِتَابِ اللهِ؟ فَقالتِ المَرْأَةُ: لقَدْ قَرَأْتُ ما بيْنَ لَوْحَيِ المُصْحَفِ فَما وَجَدْتُهُ! فَقالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لقَدْ وَجَدْتِيهِ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَما آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهَاكُمْ عنْه فَانْتَهُوا"، فَقالتِ المَرْأَةُ: فإنِّي أَرَى شيئًا مِن هذا علَى امْرَأَتِكَ الآنَ، قالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي، قالَ: فَدَخَلَتْ علَى امْرَأَةِ عبدِ اللهِ فَلَمْ تَرَ شيئًا، فَجَاءَتْ إلَيْهِ فَقالَتْ: ما رَأَيْتُ شيئًا، فَقالَ: أَما لو كانَ ذلكَ لَمْ نُجَامِعْهَا".