الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 10 فبراير 2022 - 9 رجب 1443هـ

ياسر منَّاع ... وقصة قصيرة مع القرآن العظيم

كتبه/ علي أنور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد عرفته يوم عرفته في الجامعة، فقد كان رحمه الله زميل دراسة في الجامعة؛ ذلك الشاب صاحب الوجه البشوش، الباحث عن الهداية، الحريص على الخير، المؤدب المهذب، عالي الهمة.

ذلك الشاب الذي ما سمع بهدي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إلا وحرص عليه، وما إن سمع بوجوب إعفاء اللحية إلا وسارع إلى ذلك رحمه الله؛ ما زاد وجهه نورًا على نور.

وما إن سمع بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه"؛ إلا وبادر للالتحاق بحلقة الشيخ /عمرو فريد حفظه الله، وثابر على الحفظ حتى أتقن القرآن الكريم، فانهمرت عليه الخيرات والبركات، والفتوحات الربانية، فأصبح إمامًا لمسجد الخلفاء ثم إمامًا للتراويح بمسجد الفتح الإسلامي، وظل على ذلك سنوات رحمه الله.

ثم سافر واستقر بالمدينة على صاحبها الصلاة والسلام، وعمل محفظًا للقرآن الكريم بالمسجد النبوي الشريف للعديد من الطلاب والعديد من الجنسيات.

وعندما كنت أزوره في بعض أسفاري للمدينة كنت أراه يعلِّم ويشرح، وأجلس أحيانًا في حلقاته لأتعلم منه، ومن أسلوبه الفريد.

وكان حريصًا أشد الحرص على حضور دروس العلماء بالمسجد النبوي، وكان ملازما لدرس الشيخ/ عبد المحسن العباد؛ كنت أقابله في تلك الحلقة رحمه الله.

وهذا يدل على الموازنة بين العلم والعمل، فلم يكن حافظًا لكتاب الله وفقط، بل كان يهتم بفروع العلم مِن: حديث وتفسير، وفقه وأصول، وغيرها من العلوم.

وكان رحمه الله -مع بشاشة وجهه ولين جانبه- حازمًا مع طلابه في التعليم والحضور، والأوراد، وغيرها، فعاتبتُه يومًا في ذلك، وقلتُ له: لِمَ هذه الشده مع الطلاب؟ فقال: "مشروع حفظ القرآن عظيم، ومشوار طويل وعلى مَن يريد الوصول لهذه المنزلة ان يبذل الجهد لينال هذا الفضل".

وصدق رحمه الله فإن الأمر عظيم، والمشروع يستحق الجهد والبذل والسهر ليصل صاحبه إلى الدرجات العلا.

ولقد طبَّق ذلك على نفسه رحمه الله حتى وفَّقه الله ووصل إلى ما وصل إليه مِن تميُّز في القرآن والحصول على الإجازات بسند عالٍ، ثم تعليمه للناس.

إيها القارئ الكريم: ''إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين''، فلقد كان أخونا ياسر رحمه الله، شابًا عاديًا من بين الشباب، فمَنَّ الله عليه بالقرآن فصار من أهله، فرفعه الله بين الناس، وقد حرص أهل الفضل والخير على حضور جنازته؛ فصلَّى عليه الشيخ/ ياسر برهامي، وخلفه كمٌّ غفيرٌ مِن ذوي العلم والقرآن والفضل، وقد بكاه الصغير والكبير، وحزن على فراقه القريب والبعيد، في مشهد مؤثر؛ فلمثل هذا فأعدوا عباد الله.

إيها القارئ الكريم: رجلًا كان أم امرأة، شيخًا كان أو شابًا؛ احرص على كتاب الله، واقترب منه يقترب منك كل خير، فوالله وبالله وتالله ما رُفع قدر أخونا ياسر إلا بالقرآن، علموا أولادكم القرآن، نشؤهم عليه، استثمروا طهارة قلوبهم قبل أن تلوثها الشبهات والشهوات.

فنندم حين لا ينفع الندم.

اللهم ارفع درجته في المهديين، واخلف عقبه في الغابرين.

اللهم اربط على قلب أهل بيته.

اللهم احفظ له أولاده وذريته، كما حفظ كتابك العزيز.

اللهم اجعل القرآن شفيعًا له يوم الدِّين.

اللهم آمين.