الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 - 21 صفر 1443هـ

(‌لَكُمْ ‌دِينُكُمْ ‌وَلِيَ ‌دِينِ) براءة وليست إقرارًا بالتعددية

كتبه/ عبد العزيز عطية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففي خِضم هذه الموجه المُغرِضة بحُجة إضفاء السماحة والوسطية والاعتدال، وهي تحمِل تبعات تقدح في جناب التوحيد، بل وتسعى لتنتاب ثوابت عقائدية راسخة، نجد الكثير يوظِف هذه الآية الكريمة: (‌لَكُمْ ‌دِينُكُمْ ‌وَلِيَ ‌دِينِ) (الكافرون:6)، في غير محلها؛ حتى ممَّن ينتسِبون للعِلم وأهله مما عمت به البلوى من جرأة أشباه العلماء وأنصاف العلماء، وأرباع العلماء، على فهم النصوص الثابتة بالطريقة التي تحلو لهم!

والطامة الأكبر: إسقاطهم هذا الفهم الأعور على أرض الواقع!

والطامة الأعتى: تلويث فهوم عوام المسلمين بفهمهم هم لهذه النصوص!

وقصة الآية: أن المشركين في مكة المكرمة في أوائل البعثة بعد يأسهم من صدِّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عن دعوته للإسلام قاموا بعمل مساومات للصدِّ عن دين الله -تعالى-، فعرضوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يعبدوا ربه -عز وجل- بشرط أن يعبد النبي -صلى الله عليه وسلم- آلهتهم وتنتهي الخلافات، فنزلت سورة الكافرون وانتهت بالقول الفصل: (‌لَكُمْ ‌دِينُكُمْ ‌وَلِيَ ‌دِينِنزلت على سبيل البراءة، وليست على سبيل الاعتراف والإقرار.

نزلت براءةً لِذمتنا نحن أهل الإسلام مِن دينهم، وليست اعترافًا بدينهم، وليست إقرارًا منا لهم بأن دينهم دين حق.

قال الشيخ عطية سالم في تكملة كتاب أضواء البيان لشيخه الشيخ محمد الشنقيطي -رحمهما الله تعالى وغفر لهما-: "ما عرضوه عليه -صلى الله عليه وسلم- من المشاركة في العبادة، يعتبر في مقياس المنطق حلًّا وسطًا لاحتمال إصابة الحق في أحد الجانبين، فجاء الرد حاسمًا وزاجرًا وبشدة؛ لأن فيه مساواة للباطل بالحق، وفيه تعليق المشكلة، وفيه تقرير الباطل إن هو وافقهم ولو لحظة ... ".

وبعد خمسة عشر قرنًا من نزول الآية الكريمة يأتي مثل هذا الذي يقول بالتعددية، يريد توجيه الأوامر الربانية في غير مسارها، واجترار فهوم جماهير من عوام المسلمين إلى الميوعة لأمور عقائدية لا مجاملة فيها لأحدٍ؛ بحجة الوسطية والاعتدال والتعددية، وإقناع الناس بفهمه القاصِر، مع أنه بذلك يقدح في جناب التوحيد الفِطري لدى عامة المسلمين!

أما عن الجنة والنار: فإننا نؤمن بما جاء في كتاب الله -تعالى- وأحاديث رسوله -صلى الله عليه وسلم- مِن أن مَن أشرك بالله -تعالى-، وادَّعى له الصاحبة والولد؛ فإنه من أهل النار، قال الله -تبارك وتعالى-: (إِنَّهُ ‌مَنْ ‌يُشْرِكْ ‌بِاللَّهِ ‌فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) (المائدة:72)، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، ‌لَا ‌يَسْمَعُ ‌بِي ‌أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ‌يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) (رواه مسلم).