الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 05 سبتمبر 2021 - 28 محرم 1443هـ

الفساد (105) أين دور الزراعة في الاقتصاد المصري؟ (7)‏

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فلا يمكن التعرض إلى مستقبل الزراعة في مصر دون التطرق إلى الحديث عن الموارد المائية في مصر، إذ لا زراعة، ولا تنمية زراعية دون توافر موارد مائية عذبة كافية لتحقيق ذلك.

ويعد نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه العذبة في مصر، فهو يمثِّل 7 و97 % من إمدادات المياه العذبة المتجددة، وقد تعرضت مصر -وتتعرض- من أواخر الثمانينيات لتراجع نصيب الفرد سنويًّا من الموارد المائية إلى أقل من حدِّ الفقر المائي (حد ندرة المياه)، وهو ألف متر مكعب للفرد سنويًّا، والذي بلغ في مصر 570 متر مكعب للفرد سنويًّا عام 2020م. وبعيدًا عن أزمة سد النهضة الإثيوبي تشير الدراسات أنه مع معدل النمو السكاني الحالي -بنحو 5 و2 % سنويًّا- فإنه مِن المتوقع أن يصل عدد السكان في مصر إلى 126 مليون نسمة في عام 2030 م، وإلى حوالي 200 مليون نسمة في عام 2050 م.

ومع افتراض استمرار إمدادات مياه النيل الحالية كما كانت خلال المائة عام الماضية، واستمرار استخدام الأمطار بالمستويات الحالية، فمن المتوقع أن يصل نصيب الفرد من الموارد المائية إلى 290 مترًا مكعبًا للفرد سنويًّا بحلول عام 2050م، أي أقل من حدِّ ندرة المياه الشديد المطلق، وهو 500 متر مكعب للفرد سنويًّا، وبهذا الحد من ندرة المياه الشديدة ستصبح مصر بدون اكتفاء ذاتي في الغذاء وفي متطلبات العيش، وستزداد حاجتها إلى الموارد المالية لاستيراد الكثير من احتياجاتها الأساسية.

وحتى تتجاوز مصر المحنة وقتها: فعليها زيادة مواردها من المياه العذبة عام 2050 م لتوفير 200 مليار متر مكعب سنويًّا لتناسب عدد السكان المتوقع (200 مليون نسمة بنصيب 1000 متر مكعب للفرد سنويًّا)، علمًا بأن حصة مصر الحالية من مياه نهر النيل -أي: قبل ملء وتشغيل لسد النهضة الأثيوبي- لا تتعدى 5 و55 مليار متر مكعب سنويًّا، والتي تمثِّل قرابة 98 % من كل موارد مصر المائية والباقي يأتي من الأمطار والمياه الجوفية.

وبعيدًا عن أزمة ملء وتشغيل سد النهضة كان ينبغي على مصر منذ سنواتٍ طويلةٍ أن تقوم بقوة وجدية بتحسين نظام إدارة المياه فيها؛ لسد احتياجاتها المتزايدة للمياه، وهو مطلب ضروري؛ إذ إن الأمر سيكون مسألة حياة أو موت، في ظل توقعات بنزاعات وحروب متوقعة بين الدول بسبب الصراع على موارد المياه المتاحة الحالية التي إن استمرت على ما هي عليه الآن فلن تكفي الزيادات الكبيرة المتوقعة في أعداد السكان في دول العالم المختلفة.

مخاطر سد النهضة:

ترى بعض الدراسات أن بناء سد النهضة بهذه الضخامة المعلن عنها وملأه في سنوات قليلة سوف يؤثِّر تأثيرًا سلبيًّا على كلٍّ مِن السودان ومصر، فكلما قصر المدى الزمني لملء السد زاد التأثير بالسلب على مصر والسودان، وتصر إثيوبيا على ملء السد خلال 4 سنوات فقط، مما يتوقع معه انخفاض حصة مصر من المياه بنحو 12 مليار متر مكعب سنويًّا، والسودان بنفس القدر تقريبًا؛ وعليه فقد تفقد مصر بسبب نقص المياه عن الحصة المعتادة أكثر من 8 و1 مليون فدان من الأراضي المزروعة حاليًا، والتي ستتعرض للبوار.

ويترتب على ذلك زيادة البطالة بين المزارعين، وإجهاض أي خطط للتوسع الزراعي والتنمية الزراعية، وقلة نسبة الطمي، وبالتالي: تأثر خصوبة الأراضي الزراعية، وكذلك تضرر الثروة السمكية، وتراجع حجم الطاقة الكهرومائية المولدة من السد العالي بنسبة تتراوح ما بين 22 - 36%.

وهذه النسبة لا تشكِّل نسبة كبيرة من الطاقة الكهربائية المولَّدة على مستوى مصر، ولكن هذه النسبة تساهم في توفير احتياجات الكهرباء لمحافظتين أو أكثر من محافظات الصعيد، وتشير الدراسة: أن التأثير الأكبر لملء وتشغيل سد النهضة ليس خلال فترات ملء السد، ولكن في السنوات والعقود بعدها، حيث يرتبط التأثير بسلسلة سنوات الجفاف في النيل الأزرق، وبالفواقد المتراكمة من المياه خلف السد نتيجة عوامل التبخر والتسرب المرتبط بخزان سد النهضة؛ إذ إنه على المدى الطويل سيتلاشى تأثير فترات ملء الخزان، لكن ستستمر تأثيرات قواعد التشغيل، وفواقد المياه بالبخر والتسرب بسبب كبر حجم تخزين السد، وارتفاع مستويات التشغيل به.

الاتجاه إلى زيادة موارد مصر المائية:

تسعى مصر إلى الاستفادة القصوى من مواردها المائية المتاحة والممكنة وزيادتها، خاصة من خلال معالجة وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي، ومن خلال تحلية مياه البحر، والتطلع إلى استغلال المخزون من المياه الجوفية. وقد زادت وتيرة تلك الجهود بشكلٍ ملاحَظٍ في السنوات القليلة الأخيرة في ظل ما تتعرض له مصر من تهديد يتعلق بمواردها المائية من جهة، ومع تواصل ارتفاع معدل النمو السكاني من جهة أخرى.

وهناك وسائل كثيرة ومتعددة علمية وعملية، منها: ما بدأناه بالفعل، وعلينا المزيد من السعي فيه، ومنها ما ينتظرنا، ومنها ما قد يبدو أنه من الصعب تحقيقه ولكنه ممكن، ونحن هنا نتكلم عما هو بأيدينا لا بأيد غيرنا، ولم يعد أمامنا رفاهية الاختيار أو التسويف، بل أصبح من الضروري العمل في كل -أو أكثر- هذه الاتجاهات المتعددة بقوة وجدية في وقتٍ واحدٍ لإنقاذ مستقبل أمة وحياة أجيال قادمة، فينبغي ألا يسمح أبدًا بحدوث تهديد لأمن مصر المائي حاليًا أو في المستقبل.

الاستفادة من المياه الجوفية:

تهتم الدولة بالتوسع في حفر آبار المياه الجوفية؛ خاصة في مشروع استصلاح وزراعة 5 و1 مليون فدان، والتي تشرف عليها شركة الريف المصري الجديد، ويعد المشروع المرحلة الأولى من إجمالي 4 ملايين فدان من المستهدف تنميتها ضمن مخططات الدولة.

ويعتمد المشروع على المياه الجوفية التي تمتلكها مصر حيث تم حفر وإنشاء أكثر من 1080 بئرًا من آبار المياه الجوفية بمناطق المشروع حتى مطلع عام 2018م، في مناطق الفرافرة الجديدة والفرافرة القديمة، وغرب المنيا، ومنطقة المغرة وتوشكى، غطَّت مساحة من الأراضي القابلة للتنمية تقدَّر بحوالي 250 ألف فدان، ويغطي البئر استخدامات نحو 238 فدانًا.

وهناك مساحات من المشروع تم تخصيصها لمستثمرين بدون آبار جوفية؛ نظرًا لرغبة هؤلاء المستثمرين في القيام بحفر الآبار بمعرفتهم طبقًا للاشتراطات الموضوعة من قبل وزارة الموارد المائية، ويتم الإعداد لتلك الآبار من خلال منظومة متكاملة لإحكام تطبيق الضوابط المطلوبة في ما يتعلق بكميات المياه التي يمكن سحبها واستخدامات كل بئر منها على مستوى الجمهورية؛ سواء كانت للزراعة أو الصناعة أو للشرب بهدف الحفاظ على التنمية المستدامة وحق الأجيال القادمة في المخزون الإستراتيجي من مياهنا الجوفية.

إنشاء محطات معالجة مياه الصرف:

تعمل الحكومة منذ 5 سنوات على ملف التوسع في إنشاء محطات معالجة مياه الصرف التي تتسم بالملوحة العالية لإعادة تدويرها واستخدامها من جديد في ري الأراضي الزراعية، وفي الأغراض الصناعية.

ومن أهم هذه المحطات:

محطة لمعالجة مياه مصرف (بحر البقر)، والتي تقدر بنحو 8 مليارات متر مكعب كانت تصرف في بحيرة المنزلة، حيث تم إنشاء محطة معالجة ثلاثية بتمويل من صندوق التنمية الكويتي. ومشروع معالجة محطة مياه صرف المحسمة بمحافظة الإسماعيلية، والتي كانت تصرف في بحيرة التمساح، بمقدار مليار متر مكعب كل يوم، ومحطة الحمام بالساحل الشمالي الغربي، وقد أنشأت الحكومة أيضًا عشرات من محطات الخلط لخلط مياه الصرف الزراعي ومياه الري.

تحلية مياه البحر:

تقوم الدولة حاليًا بتنفيذ عشرات من محطات تحلية مياه البحر والتوسع فيها لتوفير مياه الشرب، خاصة في محافظات شمال وجنوب سيناء، والبحر الأحمر، ومرسى مطروح، والإسماعيلية، والسويس، وبورسعيد، من خلال خطط خمسية تمتد من عام 2020 إلى 2050.

تأهيل وتبطين الترع:

مِن المشروعات المهمة لإدارة المياه في مصر مشروع تأهيل الترع، ويستهدف تأهيل 33 ألف كيلو متر طولي من الترع، وتبطين أكثر من 7 آلاف كيلو متر منها، حيث تعاني ترع متعبة كثيرة من مشكلات في وصول المياه إلى النهايات، كما توجد انهيارات لجسور، تحتاج إلى إعادة تأهيل.

ومِن أهم تلك المشروعات: صيانة ترعة الإسماعيلية، وترعة النوبارية بتبطينهما بطبقة عديمة النفاذية لمنع مياهمهما من التسرب، والذي يصل التسرب فيهما إلى نحو مليار متر مكعب نتيجة مرور الترعتين بتربة رملية، وتجربة المشروع مهداة من إحدى الشركات الألمانية.

قناطر أسيوط الجديدة:

مشروع قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية بإجمالي استثمارات بلغت نحو 5 و6 مليار جنيه، من خلال قرض تمويل من بنك التعمير الألماني، بقيمة 300 مليون يورو، بهدف تحسين حالة الري في خمس محافظات بالصعيد، وتوليد طاقة كهرومائية؛ بالإضافة إلى تحسين الملاحة النهرية من خلال إنشاء هويسين ملاحيين ملحقين بالقناطر، وإنشاء كوبري علوي لربط شرق وغرب محافظة أسيوط مع المحافظات الأخرى.

كما يتم إنشاء مشروع قناطر ديروط الجديدة على نفس مشروع قناطر أسيوط الجديدة، وإلى الشمال منها بمسافة 60 كيلو متر، من خلال قرض تمويل من هيئة التعاون اليابانية (الجايكا) بقيمة مليار و200 مليون دولار.

تطوير نظام الري:

تعمل الدولة حاليًا على تشجيع المزارعين في عموم الأراضي الزراعية على التحول من نظم الري بالغمر إلى نظم الري الحديثة، مع القيام بحملات للتوعية للفلاحين بأهمية تطبيق التقنيات الزراعية الحديثة والمتطورة في الري الحقلي، لما تقدمه هذه النظم الحديثة مِن ترشيد لاستهلاك مياه الري، كما أن لها مرودًا واضحًا في تعظيم إنتاجية المحاصيل وتحسين جودتها، حيث يؤدي الري الحديث إلى زيادة إنتاجية الأرض بنسبة 30 - 40 %، مع تكاليف أقل من خلال استخدام مياه ري وسماد وعمالة أقل، وهو ما ينعكس في النهاية على ربحية المزارع وزيادة في الاقتصاد القومي.

ترشيد استهلاك المياه الري:

ويدخل في ترشيد استهلاك مياه الري اختيار زراعة المحاصيل التي تتحمل الجفاف وقلة مياه الري، واستنباط أصناف من المحاصيل مقاومة لملوحة الأرض، أو التي يمكن زراعتها بمياه فيها ملوحة، وقد ذكر الخبير الاقتصادي الراحل صلاح جودة في لقاء إذاعي معه أن العالم المصري د. أحمد مستجير نجح في زراعة الأرز من الماء المالح، وهو ما استفادت منه الهند التي كانت تعاني من نقص في إنتاج الأرز فصارت لديها الاكتفاء الذاتي منه وتصدر، كما نجحت د. زينب الديب في التسعينيات -وهي تلميذة د. أحمد مستجير- في زراعة القمح بالمياه المالحة أيضًا، وهو ما قامت فرنسا بتطبيقه والاستفادة منه.

زراعة الأرز الجاف:

جاء في الملحق الزراعي لمجلة المصور عدد يناير2021 م تحت عنوان: (سلالات مستنبطة من الأرز توفر 30 % من المياه) (ص 12): (لقد باتت تجربة زراعة الأرز الجاف في مصر ضرورة ملحة وحتمية؛ نظرًا للوضع المحرج للمياه تزامنًا مع بناء سد النهضة الأثيوبي؛ الأمر الذي حدا بأكاديميين وخبراء زراعة المحاصيل الحقلية إلى إيجاد أفكار غير تقليدية من خارج الصندوق للتغلب على الفقر المائي من خلال استنباط وتطويع سلالات زراعية جديدة من الأرز تساهم في محصول أكبر، واستهلاك أقل من المياه مقارنة بالمحاصيل العادية، ومِن بينها الأرز الجاف نظرًا لقيمته وأهميته الاقتصادية ودوره في تقليل معدل الاستيراد.

وكانت خصصت الدولة 200 ألف فدان لزراعتها بمحصول الأرز الجاف على مستوى الجمهورية من بين مليون و75 ألف فدان تم زراعتها هذا العام، والأرز الجاف يعني زراعة بذرة جافة في أرض جافة ويتم ريها حسب حاجة التربة للمياه والمحافظة على درجة تشبع المياه داخلها، ويروى بعكس نظام الغمر المعمول به حاليًا؛ لأنه حسب الاحتياج، ودرجة تشبع الأرض للمياه ذاتها.

وهذه السلالة من الأرز مناسبة تمامًا وضرورية لمواجهة مشكلة نقص المياه ما استدعى ضرورة تطويع أصناف معينة تتحمل طول فترات الري التي تتراوح من 8 إلى 10 أيام، كون الأرز الجاف يوفِّر كمية كبيرة مِن المياه تصل إلى 30 % مقارنة بالأرز العادي؛ بالإضافة إلى تفوقه على الأصناف الحالية التي تستهلك 7000 متر مكعب الفدان) (المصدر السابق).

(وتعتبر التربة الطينية الثقيلة الأنسب لزراعة محصول الأرز الجاف كونها تحتفظ بالمياه، وتروى كل 10 أيام بدلًا من 6 أيام، مثل الأراضي الموجودة بمحافظات البحيرة، وكفر الشيخ والدقهلية والشرقية؛ لأن تربتها طينية ثقيلة، وتحتفظ بالمياه لمدة أطول تصل إلى 10 أيام، وكذا الأراضي القديمة في الإسكندرية، بينما تحتاج الأراضي الجديدة إلى معاملة أخرى كونها تروى كل 6 أيام)، (وكانت تجربة زراعة الأرز الجاف قد نجحت هذا العام في الإسكندرية بنسبة 50 %؛ نظرًا لعدم معرفة المزارعين بهذا النوع من الأرز فيما سيحظى العام المقبل بمعرفة كبيرة وتأييد زراعته، حيث بدأت حملات توعوية يتم خلالها شرح التعليمات للمزارعين وتعريفهم بأساليب الري وطرق التسميد والمكافحة ومتابعتهم بشكل دوري للتأكد من تنفيذ التعليمات بدءًا من الزراعة حتى الحصاد) (المصدر السابق).

إزالة الحشائش وورد النيل:

تقوم الدولة بجهودٍ في عمليات نزع الحشائش من مجاري المياه، ومِن بينها ورد النيل، والذي يتسبب في فقد نحو نصف مليار متر مكعب من المياه سنويًّا، حيث يستهلك هذا النبات 3 لترات من الماء.

الاستفادة من مياه الأمطار والسيول:

تستقبل مصر من مياه السيول ما يقدر بنحو 4 و1 مليار متر مكعب بالوجهين: القبلي والبحري، وهي قابلة للزيادة في ظل التغيرات المناخية التي تشهدها مصر في الفترة الأخيرة، وتعد هذه السيول أحد الموارد غير التقليدية للمياه.

وقد وضعت خطط للاستفادة من تلك السيول، حيث تم تنفيذ عدد من سدود الإعاقة، ومن البحيرات الصناعية، بمناطق (أبو زنيمة) في محافظة جنوب سيناء، و(وادي علم) بالغردقة بمحافظة البحر الأحمر، وتنفيذ 20 منشأة حماية من السيول بمحافظتي جنوب سيناء، والبحر الأحمر، وإنشاء مخر سيل (الشيخ عبادة) بمحافظة أسيوط، وإنشاء نحو 10 خزانات أرضية بمحافظة مطروح. وقد حققت هذه الجهود أكثر من هدف، منها المحافظة على مياه السيول من الهدر من خلال تخزينها في بحيرات، وأيضًا: حماية البنية التحتية والعمرانية بمناطق السيول، أي: تحويل مياه السيول الجارفة من نقمة إلى نعمة.

جهود مصرية خارج الحدود المصرية، ومنها:  

- تطهير مخارج بحيرة فيكتوريا في منابع النيل من الحشائش التي تعيق انسيابية المياه داخل مجرى النيل، من خلال معدات إحدى الشركات الوطنية المصرية.

- تطهير وإزالة الحشائش في بحر الغزال، وهو أحد روافد نهر النيل.  

- السعي إلى استكمال حفر وإنشاء قناة (جونجلي) التي تعثرت وتوقف حفرها بسبب الحرب الأهلية في السودان، وحالة عدم الاستقرار الأمني فيها.

قناة جونجلي (جونقلي):

مشروع قناة جونجلي مشروع قديم بدأ العمل في تنفيذه في السبعينيات، ولكنه توقف عام 1983 م بسبب الحرب الأهلية في السودان بين الحركة الشعبية بقيادة قرنق والحكومة المركزية في السودان وقتها. وقناة جونجلي قناة ري لنقل جزء من مياه بحر الجبل شمالًا إلى الأراضي الزراعية في السودان ومصر، وتستفيد منه مصر بنحو 14 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا عبر زيادة مياه النيل الأبيض.  

وكان قد تم حفر 350 كم من القناة، ولكن توقف الحفر عند قرية (الكونقر) وقد تبقى من الحفر 110 كم، ويبلغ الإيراد السنوي لبحر الجبل من المياه نحو 30 مليار متر مكعب، لا يصل منها إلى النيل الأبيض عند (ملكال) عن طريق بحر الجبل وبحر الزراف إلا نحو 14 مليار، وتقع (منطقة سد) التي يفيض منها (نهر الجبل) في منطقة الأراضي المنخفضة في وسط دولة جنوب السودان بطول 400 كم وعرض 320 كم، ويفيض نهر الجبل في سهل الطين الصخري المسطح في منطقة سد ليشكِّل عددًا لا يُحْصَى من المستنقعات والقنوات الجانبية، والعديد من البحيرات على طول مجرى النهر، ويفقد النهر أكثر من نصف مياهه في منطقة سد بسبب التبخر، وتمثِّل حاجزًا لا يمكن اختراقه للتنقل عبر النهر، فلا تصلح للملاحة النهرية حيث يتعذر النقل عبر النهر في تلك المنطقة، التي تعيش فيها قبائل الدينكا والشيلوك والنوير على الرعي، وتتسبب المستنقعات الموجودة في تكاثر وانتشار الحشرات، ومنها الحشرات الناقلة للأمراض.

وقد بدأ الحديث من جديد حول استكمال حفر هذه القناة المهمة للسودان ومصر لزيادة إيراد النيل الأبيض، وللتخفيف من الآثار السلبية المتوقعة لسد النهضة الأثيوبي، وهو أمر يحتاج إلى توقيع اتفاقٍ جديدٍ بين مصر وحكومة جنوب السودان من جهة، وإلى استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في جنوب السودان التي ما زالت تعاني من صراعاتٍ داخلية، يعتقد أن للمخابرات الإسرائيلية دورًا في استمرارها وتأجيجها، إلى جانب مشكلة التمويل التي تعرضت للمماطلة من الدول الأوروبية التي سبق ووافقت على تمويل المشروع.

وللمشروع فوائد عديدة على الدول الثلاث: مصر، والسودان، وجنوب السودان، وعلى المنطقة بأسرها، ومنها:

- زيادة التبادل التجاري النهري.

- تعزيز التنمية الزراعية بزيادة الرقعة الزراعية حيث ستتحول منطقة (سد) بأكملها لأراضٍ صالحة للزراعة.

- توفير أراضٍ للرعي وتربية الماشية.

- تعزيز التوسع الصناعي المرتبط بالزراعة والرعي.

- توفير فرص عمل للسكان.

- تقليل تكاثر الحشرات الناقلة للأمراض بالقضاء على المستنقعات التي تساعد على تكاثرها وانتشارها.

- تعد جزء مهمًّا في مشروع الربط النهري في المستقبل بين بحيرة فيكتوريا في أعالي منابع نهر النيل والبحر المتوسط شمالًا، وهو مشروع يخدم كل دول المنطقة: تجاريًّا، واقتصاديًّا، وسياحيًّا، وكذلك يخدم تجمع دول (الكوميسا).

- تقليل المسافة والنقل بين الخرطوم و(جوبا) عاصمة جنوب السودان.

- يزيد إيراد النيل الأبيض من المياه بنحو 14 مليار متر مكعب تستفيد منها مصر، والسودان.

- يعتبر المشروع نموذجًا يُحْتَذَى به في التعاون والتنسيق بين دول حوض النيل بما يحقق الفائدة لكلِّ الدول المشاركة فيه.