الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الجمعة 16 يوليه 2021 - 6 ذو الحجة 1442هـ

مصائب في زمان الفتن

كتبه/ محمود دراز

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فاللهم ابعدنا عن هذه المصائب التي اخترقت صفوف المسلمين، وتملكت قلوبهم، وأعمت أبصارهم، وذلك إلا مَن عافاه الله، فنجد السفهاء يستحلون أعراض العلماء وينتقدوهم في علمهم، فهؤلاء مكثوا من السنين عدة في خدمة دين الله، وفي تبصرة خلقه، وقد اتخذوا هؤلاء السفهاء مسوغًا لهم بأن هؤلاء العلماء من البشر فيجوز نقدهم؛ لأنهم ليسوا بمعصومين.

نعم، هم ليسوا بمعصومين، ولكن الله اختصهم من عباده بتعلم دينه وتبصرة عباده؛ لذا قد مدحهم الشرع، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) (متفق عليه).

وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرِثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ، أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْزِعُ العِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ العُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ، يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ) (متفق عليه).

وهل يا مَن تنتقدهم أنت معصوم من الزلل؟!

والعجيب... كان قديمًا نرى مَن يطعن في العلماء إخوانهم مِن أهل العلم أيضًا، وذلك نتج من الحقد العلمي كمثل طعن محمد بن يحيى الذهلي في البخاري -رحمهما الله-، أما الآن فنرى رويبضة الزمان هم من يتصدرون الطعن!

فالحقيقة: إن هؤلاء الذين يطعنون في العلماء هدفهم الأسمى هو الدِّين، فنعجب من الذين يتركون الثمار ويأكلون ورق الأشجار؛ فهذا مِن جحد القلوب.

ونضرب مثالاً بمَن يتم نقدهم على الساحة ومحاولة طمسهم من الحياة العلمية: إنه العَلم العلامة الحبر الفهامة "محمد بن ناصر الدين الألباني"، وغيره ممَّن هم على قيد الحياة؛ هذا الرجل خَدَمَ السنة مدافعًا عنها، وكان أسدًا جسورًا أمام كلِّ مَن حاول الكذب على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم يأتي مَن لا يعرف أساسيات دينه الذي سوف يُحَاسَب عليها وينتقده لنقضه، أي: لهدمه! فنقول له: خسئت أيها الكذاب الأشر، وغيره الكثير مِن العلماء المتقدمين والمتأخرين.

فإن هؤلاء الذين أخلصوا -هكذا نحسبهم-، الله قَيَّض لهم مَن يدافع عنهم، وهم في قبورهم!