الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الإثنين 04 يونيو 2018 - 20 رمضان 1439هـ

رسالة إلى مَن فرَّط وقصَّر!

كتبه/ أحمد حمدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

فمَن فاته (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) (متفق عليه)، و(مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا) (متفق عليه)، مِن أول الشهر ما زالت الفرصة مواتية لك في الأيام العشر الأواخر في إدراك ليلة القدر، قال -صلى الله عليه وسلم-: (لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني)، فهي في ليال العشر.

فمَن حقق الاعتكاف أدركها -بإذن الله-؛ فلا تسوف وتقول: سوف أعتكف العام القادم! ومَن يضمن لك أن تعيش حتى تدرك رمضان آخر؛ فليكن شعارك: هذا آخر اعتكاف في حياتي؛ اعتكف اعتكاف مودع كأنك لا تعتكف غيره.

عند غروب شمس يوم الثلاثاء القادم 20 رمضان 1439هـ، الموافق 5/ 6 / 2018م تبدأ الليالي العشر.

مرحلة فارقة تظهر في حال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يخلط في العشرين الأوائل ما بيْن نوم وقيام، فإذا دخل العشر أحيا الليل كله، وأيقظ أهله، وشد مئزره؛ كناية عن اعتزال النساء، والتشمير والجد في العبادة، فالجد والاجتهاد أكثر فإن الخيل إذا قاربت رأس مجراها أرسلت كل ما عندها، فالشيطان يشغل الناس في العشر بملابس العيد، وكحك العيد، ويضيع عليهم أهم الليالي في الشهر الكريم.

فإنما الأعمال بالخواتيم، فلو قلت لواحد فينا: عشر ليال تساوي مليون دولار!

هل سيفرط فيها مهما كانت المشغوليات؟!

أبدًا، بل عشر ليال خير مِن ألف شهر، خير مِن عبادة أكثر مِن ثلاث وثمانين سنة؛ فإياك والتسويف، وإياك والتفريط!

أتعجب مِن بعض الإخوة يعتكف الليالي فقط أو الليالي الوترية أو يعتكف اعتكافًا جزئيًّا بعد ما كان يدخل المسجد ولا يخرج منه إلا ليلة العيد؛ فأين الحرص القديم؟ وأين بداية التزامك؟ فالاعتكاف مدرسة تربوية لتهذيب النفس وتعديل السلوك، وتعلم تمارين الغربة والمجاهدة، ومقاومة الشهوات، وسموم القلب وفضول المباحات، والتغلب عليها، فإن استطعت أن تأخذ إجازة اعتيادية أو عارضة مِن عملك، والله إنها تستحق وهي بلا شك أولى مِن أسبوع المصيف، وغيرها مِن أمور اللهو والمباحات التي تأخذ لها إجازات أحيانًا!

نسأل الله -عز وجل- أن يبلغنا ليلة القدر، وأن يجعلنا في هذا الشهر الكريم مِن عتقائه مِن النار، ومِن المقبولين.

اللهم آمين.