الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 10 أبريل 2018 - 24 رجب 1439هـ

إلى فضيلة الإمام... "شيخ الأزهر"

كتبه/ سعيد الروبي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنقدر جهودك وأعباءك، ومسؤولياتك، وندعو الله لكَ بالتوفيق والقوة.

ونعرف أن قضية القدس تشغلك وفي صميم اهتماماتك، ولكن نريد أن نطمئن أكثر ونهدأ ولو قليلًا؛ إذ تتوارد الأخبار مِن هنا ومِن هناك أن موعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس هو في تاريخ "14-5-2018م"، ويصاحب ذلك إعلان القدس عاصمة لإسرائيل رسميًّا، وبدء اعتراف الدول بذلك!

بقي شهران تقريبًا يا فضيلة الشيخ الإمام، ونريد مِن الآن أن نتخيل أن الأمر قد وقع؛ فماذا سيكون رد فعلنا؟ كيف سنتصرف؟ وماذا نفعل على المستوى الرسمي؟ وعلى المستوى الشعبي؟

ندرس رد الفعل، بل ندرس كيف نبطل هذا الأمر المتوقع مِن الآن يا فضيلة الشيخ الإمام؛ حتى لا يداهمنا الوقت، ويقيدنا عامل الوقت.

شخصيًّا عندي حالة قلق، بل توتر من هذا الأمر، وعندي تصورات ومخاوف وتخيلات؛ تصورات أن الأمر قد حدث بالفعل، وحاولتُ أن أتخيل ردود الأفعال المتوقعة رسميًّا وشعبيًّا في دول كثيرة وبلاد عديدة.

تصورتُ رد فعل الدول والحكومات، والأنظمة والشعوب، والمنظمات والهيئات والمؤسسات؛ فشعرت مِن الآن بقلقٍ شديدٍ جدًّا، وتوقعتُ أن رد الفعل -في ظل ظروفنا الراهنة- لن يرقى إلى مستوى الحدث، ولن يحرِّك ساكنًا، ولن يغير مِن الأمر شيئًا.

ثم قلت لنفسي: لا، بل توقع رد فعل عنيفٍ وقاسٍ وشديدٍ ومشرفٍ، فحاولتُ أن أتوقع رد فعلٍ جديدٍ أحسن وأفضل مِن الجميع، وأنا الآن في حيرةٍ من أمري! أي رد فعل أتوقع؟! الأحسن أم الأسوأ؟! فقررت الكتابة إليك لعلي أكون سببًا في تصرفٍ جديدٍ أو مختلف أو أمر إيجابي لصالح القضية، قضية القدس الشريفة.

والذي يقلقني يا فضيلة الشيخ الإمام هو السكون والسكوت؛ فلا مؤتمرات ولا لجان، ولا تحركات ولا اجتماعات، كأننا ننتظر وقوع الحدث ثم نتصرف برد فعل فقط! وحتى لو حدث هذا وقررنا أن ننتظر حتى حدوث الأمر فعليًّا وواقعيًّا؛ فلابد أن ندرس رد الفعل مِن الآن، ونجهزه ونعده، ونعرف خطواته ونحدد آلياته، ولابد مِن قراراتٍ مصيريةٍ قويةٍ تناسب الحدث، ولابد مِن مشاورات وترتيبات، وتنسيق واستعداد لهذا الحدث الجلل.

سامحني واعذرني يا فضيلة الإمام... مؤكد أن هذه الأفكار مرت بفضيلتك وتعرفها أكثر مني، ولكني فقط أردت أن أستوثق، واخترتُ أن أكتب إليك؛ لعل الرسالة تصلك -إن شاء الله-، وأظنك أهلًا لهذه المسئولية، والله حسيبك، ولا أزكيك على الله، ونتوقع مِن فضيلتك الكثير.

ندعو لك أن يكون الله معك، ويوفقك ويسددك، ويقويك ويعينك، ويكتب لك النجاح والفلاح.

ودعني أصارحك يا فضيلة الشيخ الإمام وأذكر لك مخاوفي: أخاف إذا تم نقل السفارة أن نختلف فيما بيننا.

وأخاف أن ننقسم ونتفرق ونتخاصم فيما بيننا.

وأخاف أن يتحول نقل السفارة -إن حدث- إلى فتنةٍ داخلية بين المسلمين، وأخاف مِن الضعف والوهن والفشل.

وأخاف من ضياع القدس أكثر وأكثر؛ بسببنا نحن، وليس بسبب أمريكا أو إسرائيل أو غيرهما.

هذه مخاوفي "أو بعض منها"؛ فهل يمكن أن نتلافاها بخطواتٍ مدروسةٍ مِن الأزهر الشريف؟!

كتبتُ مبكرًا متخوفًا مستوثقًا "محبًّا ومشفقًا وحريصًا".

وفقكم الله لأداء الأمانة وتحمل المسؤولية.