الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 01 أبريل 2018 - 15 رجب 1439هـ

حدود الدم... وخطة التقسيم (2)

كتبه/ أحمد الفولي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ 

فقد ذكرتُ في المقال السابق أن "إيران" كانت -ولا زالت- حريصة أشد الحرص على تنفيذ مخططها الاستيطاني في المنطقة العربية، وكان مِن علامات ذلك: تعاون الشيعة المشبوه مع اليهود وغيرهم؛ لإسقاط خلافة دولة المسلمين قديمًا، وتفتيت بلاد المسلمين في العصر الحديث.

والخطة الرافضية تستهدف إقامة إمبراطوريتهم الفارسية المزعومة داخل المنطقة العربية بالتعاون مع الغرب، وتنفيذًا لمخطط  "برنارد لويس"؛ لتفتيت المنطقة وسرقة ثرواتها، وطمس هُويتها الإسلامية والعربية.

وقد أقرّ الكونجرس الأمريكي عام  1983م "وثيقة برنارد لويس"، والتي تعتبر جزءًا مِن خريطة "الشرق الأوسط الجديد" التي لوّحت بها علنًا وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كونداليزا رايس" عام 2006م، وهو مخطط يلعب على وتر إشعال العصبيات الإثنية والعرقية والدينية الموجودة في دول العالم العربي الإسلامي، وقد نشرته لأول مرة مجلة وزارة الدفاع الأمريكية مرفقًا بمجموعةٍ مِن الخرائط التي توضح تقسيم كل دولة إلى 4 دويلات، ليصب ذلك كله في مصلحة "طهران".

وخلال الحديث عن خطة التقسيم والاستحواذ على ثروات المنطقة في مقالاتنا القادمة، سيظهر لك بوضوح محاولة السيطرة على الثروات الاقتصادية، وكذا العسكرية والثقافية، فالاستحواذ على مضيق "هرمز" مِن خلال احتلال الجزر الإماراتية الثلاث، و"هرمز" هو المتنفس البحري الوحيد لـ"العراق - الكويت - البحرين - قطر - الإمارات العربية"، وكذا مضيق "باب المندب" مِن خلال عصابات الحوثي في اليمن، ومحاولة إيران للسيطرة على "جيبوتي" الضفة الغربية لمضيق باب المندب، وبالتالي السيطرة على نسبةٍ ضخمةٍ مِن التجارة العالمية.

وليس مضيق هرمز ومضيق باب المندب فحسب، فالخطة الفارسية كبيرة، وهي تستهدف إقامة إمبراطوريتهم المزعومة حتى لو تكلف ذلك إبادة العرب والمسلمين جميعًا، فقد تمّ تخريب العراق إحدى أقوى وأضخم دول المنطقة، وإفسادها برعاية أمريكية؛ لتتسلمها إيران على طبقٍ مِن ذهبٍ؛ لترفرف في أرجائها أعلام طهران، ومِن بغداد إلى أرض الشام حيث تثبيت أقدام النظام العلوي بميليشياتٍ إيرانيةٍ مسلحةٍ والقضاء على التجمعات المسلمة السُنيّة في سوريا وتشريد أهلها، ومِن سوريا إلى اليمن؛ هذا القُطر العظيم المبارك صاحب الأثر الأكبر في امتداد الدولة الإسلامية، والذي تستهدفه إيران الآن لتحويله إلى محافظةٍ إيرانيةٍ مِن خلال عصابات الحوثي الإجرامية.

وعلى الرغم مِن تصنيف إيران كـ"دولة إرهابية" ضمن محور الشر، ورغم الحديث المتواصل عن خطورتها منذ وقتٍ مبكرٍ مع قيام الثورة الإرهابية في إيران المسماة بـ"الإسلامية!"؛ إلا أن الحرب لم توجَّه إليها -وحتى وقتنا هذا!-، بل كانت إيران -ولا زالت- جزءًا رئيسًا مِن الحلفاء الإقليميين لهذه الحرب، ليس هذا فحسب، بل كانت المستفيد الأكبر منها بشهادة الجميع.

قال الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" في تقرير مرئي نقلته "سي إن إن" بتاريخ "20-5-2008م": "إن إيران هي المستفيد الأكبر الوحيد مِن حرب العراق التي ما كان يجب خوضها"، ورغم التهديدات المتواصلة التي قد نراها مِن الإدارة الأمريكية الحديثة متمثلة في الرئيس الأمريكي  "دونالد ترامب" تجاه إيران؛ إلا أننا نستشعر دعمًا خفيًّا واضحًا حتى ولو كان ظاهره الخلاف.

هذا الدعم يُظهر لك جليًّا عندما تدقق في الأحداث المتتالية، كيف كان الغرب حليفًا أساسيًّا مع إيران منذ بداية المعركة، والتي بدأت باحتلال الأحواز العربية، ونهب ثرواتها وثروات أبنائها، وطمس لغتها العربية، ثم توالت إلى أن وصلنا إلى الوضع الذي نراه الآن.

يُتبع -إن شاء الله-.