الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأربعاء 07 مارس 2018 - 19 جمادى الثانية 1439هـ

فضل المتابعة بيْن الحج والعمرة (موعظة الأسبوع)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

الغرض مِن الموعظة:

- بيان فضل الإكثار مِن الحج والعمرة، في مواجهة القرارات الخاطئة بفرض رسومٍ وضرائب على مَن أراد تكرير الحج والعمرة؛ مما يكون سببًا في الصد عن هذه الفضيلة العظيمة.

المقدمة:

- المتابعة بيْن الحج والعمرة طاعة لله، والطاعة سبب زيادة أرزاق العباد وصلاح اقتصاد البلاد: قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف:96).

- البيت الحرام مهوى أفئدة المسلمين، وليس لأحدٍ حق في التضييق عليهم في ذلك: قال -تعالى-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى) (البقرة:125)، وقال: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا يَطُوفُ بِهَذَا الْبَيْتِ وَيُصَلِّي أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) (رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

- مدخل لما يلي: تعالوا نطالع فضل التكرير والمتابعة للحج والعمرة مِن خلال معنيين عظيمين، وهما: فضل البلد الحرام، وفضل رحلة الحج والعمرة.

أولًا: مِن فضائل البلد الحرام:

- فيها أول مسجد وُجد على ظهر الأرض: قال -تعالى-: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) (آل عمران:96).

 - اختار الله مكانه بخلاف جميع المساجد: قال -تعالى-: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (الحج:26).

- رفع قواعده وبناه الملائكة والأنبياء: روى البيهقي في دلائل النبوة عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: "بعث الله جبريل إلى آدم فأمره ببناء البيت، فبناه آدم ثم أمره بالطواف به، وقيل له: أنتَ أول الناس، وهذا أول بيت وُضع للناس". وقال -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة:127).

- فيه آيات بينات عظيمة تتعلق بها عبادات (الحجر الأسود - زمزم - مقام إبراهيم - الملتزم): قال الله -سبحانه وتعالى-: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) (آل عمران:97).

- العبادة فيه لا مثيل لها: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) (رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني).

ثانيًا: فضل رحلة الحج والعمرة:

- إنها الرحلة إلى الله تلبية لأمره، مع هجر الأوطان وبذل الأموال، وتحمل المشاق؛ طلبًا للمغفرة: قال -تعالى-: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) (الحج:27-28)، وفي الحديث القدسي: (انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي, جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي وَمَغْفِرَتِي, فَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُكُمْ عَدَدَ الرَّمْلِ, أَوْ كَزَبَدِ الْبَحْرِ لَغَفَرْتُهَا, أَفِيضُوا عِبَادِي مَغْفُورًا لَكُمْ وَلِمَنْ شَفَعْتُمْ لَهُ) (رواه الطبراني، وحسنه الألباني)

- رحلة مِن أعظم سبل التكفير عن الذنوب، والبركة في الأموال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا: يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ: خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) (رواه الترمذي والنسائي، وصححه الألباني).

- رحلة النزول في ضيافة أكرم الأكرمين -سبحانه وتعالى-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَفْدُ اللهِ ثَلَاثَةٌ: الْغَازِي , وَالْحَاجُّ , وَالْمُعْتَمِرُ) (رواه النسائي، وصححه الألباني)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الحُجَّاجُ والعُمَّارُ وَفْدُ الله دَعاهُمْ فأجابُوهُ وَسَأَلُوهُ فَأَعْطاهُمْ) (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

خاتمة: عود على بدء:

- تكفل الله لأهل البلاد والقرى بالرزق الوفير إن هم أطاعوه، وأعانوا على طاعته: قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).

- إذا كانت المتابعة بيْن الحج والعمرة سبب في زيادة مال القاصدين، فكيف بمَن أعانهم على ذلك؟!: قال -تعالى-: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (الرحمن:60)، وقال -تعالى-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْء) (رواه مسلم).

- تدابير إصلاح الاقتصاد وتوفير العملة الصعبة كثيرة بعد طاعة الله: (ترشيد الإنفاق الحكومي - ترشيد التمثيل الدبلوماسي والبعثات - تقليل الفعاليات الرياضية)، وغير ذلك كثير عند أهل التخصص الصالحين.

- الرجوع عن الخطأ واجب، والتزام الحق فضيلة وشيمة النبلاء: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وحسنه الألباني).

فاللهم أرنا الحق حقـًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل.