الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
السبت 06 يناير 2018 - 19 ربيع الثاني 1439هـ

مات قابيل كما مات هابيل!

كتبه/ حنفي مصطفى

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

سبحان الله العظيم الذي أمرنا بالتفكر والتدبر في آياته الكونية وسننه الربانية في الموت، قال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (الزمر:30)، وقال: (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ . كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) (الأنبياء:34-35).

مات قابيل كما مات هابيل، وما دامت له الحياة بعد قتل أخيه!

مات عمر -رضي الله عنه- كما مات قاتله، ومات عثمان -رضي الله عنه- كما مات قاتله، ومات علي -رضي الله عنه- كما مات قاتله، وهكذا مات مَن مات مِن المسلمين في الأندلس والبوسنة، وأفغانستان، والشيشان كما مات مَن قتلهم!

سبحان الله!

الجميع سيموت، ولن يخلَّد أحدٌ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ) (متفق عليه)، فليس القاتل مخلدًا بعد موت مَن قتله، وإنما سيلحقه، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عند دخوله المقابر: (السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ) (رواه مسلم).

لو تذكر العباد الموت في لحظات حياتهم، وأنهم سيلقون الله لتغيرت الأحوال كثيرًا؛ لأن تذكر الموت يزهِّد في الدنيا، ويقبل بالعبد إلى العمل للآخرة التي هي خير مِن الدنيا وأبقى.

لما تولى عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- الخلافة، قال لأحد أصحابه: "إذا رأيتني ضللتُ؛ فخذ بمجامع ثوبي، وهزني هزًّا عنيفًا، وقل لي: يا عمر إنك ستموت!".

وقال -تعالى- عن أصحاب الملك والمال يوم القيامة: (مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ . هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) (الحاقة:28-29)، ضاعت الأموال وانتهى السلطان، ولم يبقَ إلا سلطان الله وملكه، قال الله -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (فصلت:46).

فأعد للموت عدته؛ فغدًا سنموت، ونلقى الله رب العالمين؛ فاعمل عملًا يسرك غدًا عند لقاء الله ربك.

اللهم اختم لما بالباقيات الصالحات أعمالنا وأعمارنا، والحمد لله كثيرًا.