الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 26 أكتوبر 2017 - 6 صفر 1439هـ

السعادة والسرور في معرفة الله والرسول

كتبه/ محمود عبد الحفيظ البرتاوي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن معرفة الله والرسول هي جنة الدنيا، ومَن لم يدخل جنة الدنيا لم يدخل جنة الآخرة، كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله-.

قال الله -تعالى-: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) (طه:123)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) (متفق عليه)، فمَن عرف الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وحفظها وتعبد له بمقتضاها دخل الجنة، كما بشَّر بذلك الحبيب -صلى الله عليه وسلم-، فمعرفة الله هي أشرف المعلومات، وأقرب الوسائل لتحقيق المقاصد والغايات.

وبيَّن -صلى الله عليه وسلم- أن معرفته -سبحانه وتعالى- والتوسل إليه بها، تذهب الهموم والغموم مهما كثرتْ وعظمتْ، وهي التي تستجلب السعادة والهناء مهما بُعدتْ، فأخبر أن مَن أصابه هم وحزن فدعا ربه متوسلًا بأسمائه الحسنى: (أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي؛ إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، فالفرح كل الفرح، والسرور كل السرور في معرفته -سبحانه-.

وقال الله -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء:82)، فمَن ارتبط بالقرآن، ترحل عنه كل همٍّ وغمٍّ وحزنٍ.

- قال ابن القيم -رحمه الله-: "فِي الْقَلْبِ شَعَثٌ لَا يَلُمُّهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ، وَفِيهِ وَحْشَةٌ لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْأُنْسُ بِهِ فِي خَلْوَتِهِ، وَفِيهِ حُزْنٌ لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ... وَفِيهِ فَاقَةٌ: لَا يَسُدُّهَا إِلَّا مَحَبَّتُهُ، وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ، وَدَوَامُ ذِكْرِهِ، وَصِدْقُ الْإِخْلَاصِ لَهُ، وَلَوْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَمْ تَسُدَّ تِلْكَ الْفَاقَةَ مِنْهُ أَبَدًا!" (مدارج السالكين).

- وقال بعض الصالحين: "مساكين أهل الدنيا، خرجوا مِن الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها! قالوا: وما هو؟ قال: معرفة الله".  

- وكذا لا تحصل للعبد سعادة وهناء إلا بمعرفة الرسول واتباعه: قال -تعالى-: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب:71)، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان أكمل الخلق في كل صفةٍ يحصل بها انشراح الصدر واتساع القلب (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) (الشرح:1)، وأتباعه لهم نصيب مِن ذلك؛ فعلى حسب المتابعة له يَنال العبد نصيبه مِن انشراح الصدر، وسعادة القلب، (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (الأعراف:158)، بل باتباعه ينال العبد محبة الله، قال -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) (آل عمران:31).

نسأل الله أن يرزقنا صدق محبته، وحسن اتباع نبيه -صلى الله عليه وسلم-.