الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 12 أكتوبر 2017 - 22 محرم 1439هـ

الكذب وأنواعه

كتبه/ أحمد عبد السلام ماضي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمِن المعلوم أن الكذب مِن أرذل الأخلاق وأخبثها، فهو يقود للفجور الذي يذهب بصاحبه إلى النار كما في الحديث: (وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا) (متفق عليه)، وهو مِن أخلاق المنافقين، فإن مِن علامات المنافق أنه إذا حدث كذب، والكذب ريبة، يذهب الثقة والأمن، ويشيع روح الشك والخوف.

والكذب بعضه أسوأ مِن بعض.

وأعظمه جرمًا: الكذب على الله -سبحانه وتعالى- في أسمائه وصفاته وأفعاله، وحلاله وحرامه، قال الله -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33)، فقرن الكذب على الله بالشرك، بل عدَّه بعض العلماء أغلظ مِن الشرك؛ لما يتضمنه مِن وصف الله بما لم يصف به نفسه، ومِن تبديل للدين في العقائد والتشريعات.

وأيضًا الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مِن أكبر الكبائر، ففي الحديث المتواتر قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) (متفق عليه)؛ لذا يجب الحذر والتثبت في نسبة حديث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يعلم صحته وثبوته بالطرق العلمية المعروفة.

ثم الكذب على العلماء وحملة الشريعة والدعاة إلى الله؛ سواء كان بغرض الاستهزاء والسخرية منهم وتنفير الناس عنهم أو بغرض إسقاط منزلتهم وقدوتهم.

وكثيرًا ما يحدث ذلك في زماننا مِن طرفين:

الأول: أعداء للمنهج مِن علمانيين وأهل بدع.

والثاني: لأجل خلافات سياسية وواقعية.

فتجد الجرأة على استباحة أعراض العلماء والدعاة بسفالةٍ وانحطاط منقطع النظير، وللأسف يسكت عن هذا المنكر العظيم بعض أهل العلم ربما خوفًا مِن أن ينالهم مثل ذلك مِن أولئك السفلة.

وذاك مما له أسوأ الأثر على الدعوة والمدعوين، وتجرئة الفسقة وأعداء الدين على العلم والعلماء، والذي يستخدمون في ذلك أساليب قذرة عن طريق التلاعب في مقاطع الفيديو بالقص والحذف واللصق، وهذا مما يستدعي مِن العلماء والمخلصين التحذير مِن هذا المنكر العظيم، والوقوف في وجه هذا المخطط الأثيم الذي يقوم على هدم القدوات، والتشكيك في الأفاضل؛ مما ينتج عنه إضعاف الأمة، ونشر الفوضى والخراب فيها، فإن الناس إن لم يكن لهم رءوس وقدوات تخبطوا في الجهالة، وتحيروا في الضلالة.

فأسأل الله أن يحفظ علماء المسلمين والدعاة إلى الله وطلبة العلم، وألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.