الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الخميس 14 سبتمبر 2017 - 23 ذو الحجة 1438هـ

تحديات وعقبات في طريق المنهج الإصلاحي (9)

كتبه/ محمد إبراهيم منصور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما زلنا في سياق الحديث عن إحياء الروح الإيجابية في الكوادر والكيان المؤسسي، وضرورة إيجاد وصناعة النماذج الإيجابية، والناظر في "القرآن الكريم" يجده يتحدث عن الإيجابية ويحثّ عليها، ويزجر عن السلبية ويحذر منها.

فقد أخبر الله -عز وجل- في كتابه أنه ما خلق الناس إلا لغاية عظيمة، وهي عبادته -سبحانه وتعالى-، فقال -عز وجل-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56).

- والعبادة ليستْ قاصرة على الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج فقط، بل العبادة هي: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه مِن الأقوال والأفعال، الظاهرة والباطنة"، فالإنسان مخلوق لتكون كل حياته عمل، يجعل كل أنفاسه أداء، وهذه هي الإيجابية؛ فلا يترك لحظة إلا وسأل نفسه: كيف أجعل هذه اللحظة عبادة؟!

- وقد أنكر الله -عز وجل- على الذين يقولون ولا يعملون: فقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ . كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3).

- وقد فرَّق "القرآن الكريم" بيْن الإيجابي الذي يعمل ويتحرك، وبيْن العاجز: فقال -عز وجل-: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ . وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (النحل:75-76).

- ووعد الله -عز وجل- بالأجر الحسن على العمل الإيجابي "ولو كان مثقال ذرة"، والعكس بالعكس: فقال -عز وجل-: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة:7-8)، وقال الله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء:40)، وقال الله -تعالى-: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (يونس:61).

- وبيَّن -سبحانه وتعالى- أن عمل الخيرات، وإسداء النصح والمعروف للناس والقيام باحتياجاتهم، أو -على الأقل- الأمر بذلك والتواصي به، مِن أعظم القربات: فقال الله -عز وجل-: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء:114).