الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الأحد 19 فبراير 2017 - 22 جمادى الأولى 1438هـ

شبهة حول عبادة الله وجوابها

السؤال:

أنا مِن جمهورية كازاخستان، وعندي سؤال، فقد سألني صديقي: لماذا خلق الله المخلوقات؟ فقلتُ له: لإظهار قدرته، ولاستسلام خلقه لأمره، فيعظموه بالعبادة ويقدِّروا عظمته. فسألني: ولماذا كل هذا؟ الله لا يحتاج إلى كل هذا! ما هو المنطق في خلق العالم؟! أنا أريد أن أصلي وأصوم، ولكن لا أستطيع أن أعبده بدون أن أعقل هذه المسائل!

وسؤالي لكم: ما هو الجواب لصديقي هذا؛ فإنه يبحث عن الجواب لسؤاله ولا يوجد عندنا مَن يستطيع أن يأتي بالأجوبة المقنعة؟ وأريد منكم الإجابة الكافية، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقل لصاحبك: إن الإنسان خـُلِق وبدنه يحتاج إلى الهواء والطعام والشراب؛ فهل لا يأكل ولا يشرب ولا يتنفس وهو طفل، ثم وهو كبير إلى أن يعقل الفائدة مِن الطعام والشراب والنـَّفَس؟! لو كان كذلك لمات.

ولو وجدنا طفلاً لا يَرضع لعدم رغبته، أو مريضًا لا يأكل ولا يشرب لعدم رغبته؛ لوضعنا له محلولاً أو أنابيب معدة لإدخال الطعام والشراب له، وإن لم يرغب في ذلك؛ لجهله وعناده! فكذلك الإنسان خُلق قلبه يحتاج إلى الحب، ويحتاج إلى الخضوع والتأله، ويحتاج إلى أن يَرجو ويخاف ويتوكل على الله، نعم، الله لا يحتاج إلى ذلك منا، ولكننا نحن الذين نحتاج، لو كنا نحن الذين خلقنا أنفسنا لما احتجنا إلى شيء لا في البدن ولا في الروح، ولكن خالقنا العليم الحكيم خلقنا محتاجين ببدننا وروحنا؛ فلو لم تأخذ الغذاء الروحي مات قلبك، وفقدتَ غايتك في الحياة، وأنتَ وُلدت قهرًا وستموت قهرًا، لا تملك ذلك لنفسك ولا لغيرك؛ فبادر بالحب والطاعة قبْل أن يأتيك الأجل وأنت في حيرة كالطفل الذي لم يَعقل.

فقل له: ذُق وجرِّب؛ فستجد لذة أخرى غير التي يجدها الناس في الطعام والشراب، والجنس والمال، أنت بحاجة إلى أن تجد لذة العبادة التي خُلقت مِن أجلها، وإلى لذة المعرفة بالله، ومشاهدة آثار أسمائه الحسنى وصفاته العليا مِن العلم والقدرة والحكمة، والعزة والملك - فتستريح راحة عظيمة مهما بلغتْ معاناتك البدنية، ثم سل الله الهداية؛ فمن استهدى الله هداه، كما قال -تعالى- في الحديث القدسي: (يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ) (رواه مسلم).