الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ ياسر برهامي
الثلاثاء 26 يوليه 2016 - 21 شوال 1437هـ

صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (19)

الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م (1-4)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فتعد ثورة 1936م الفلسطينية ذروة النضال الفلسطيني ضد الحركة الصهيونية وبريطانيا في النصف الأول من القرن العشرين، أظهر فيها الفلسطينيون رفضهم للمشروع الصهيوني في فلسطين، وللانتداب البريطاني على فلسطين في آن واحد، حيث هدفت إلى إيقاف الهجرة اليهودية المتزايدة، وإيقاف التملك اليهودي للأراضي في فلسطين، والمطالبة بالاستقلال وجلاء الإنجليز عن البلاد، وقد سقط في هذه الثورة الشعبية آلاف الشهداء في مواجهة القمع العسكري البريطاني العنيف.

وقد امتدت هذه الثورة من مايو 1936م إلى صيف 1939م، وقد مرت خلال هذه الفترة بأربعة مراحل:

- المرحلة الأولى: مرحلة الإضراب العام الطويل، وما تخللـه من أعمال عنف.

- المرحلة الثانية: مرحلة الترقب والانتظار لما ستسفر عنه لجنة (بل) البريطانية للتحقيق في الأوضاع.

- المرحة الثالثة: تفجرت فيها المواجهات من جديد، وتزايد فيها القمع البريطاني.

- المرحلة الرابعة: انعقد فيها مؤتمر لندن في فبراير ومارس 1939م، ثم صدر الكتاب الأبيض حول القضية الفلسطينية، لاسترضاء العرب مع دخول الحرب العالمية الثانية.

بداية الثورة:

دعا الحاج "أمين الحسيني" في مؤتمر القدس العام في مايو 1936م اللجان الوطنية الفلسطينية إلى العصيان المدني، والإضراب الشامل في فلسطين، فانطلقت الثورة من هذا المؤتمر وانفجر الوضع، وقد دام الإضراب العام ستة أشهر ابتداءً من 8 مايو 1936م.

وقد أدى الإضراب إلى شلل النشاط التجاري والاقتصادي، ورافقته أعمال عنف، حيث دخل الفلسطينيون في حرب مقاومة مع القوات البريطانية.

وقد سارعت القوات البريطانية إلى مواجهة الفلسطينيين بالقوة والعنف، وقامت بطلب التعزيزات، واستخدمت كل وسائل القمع ضدهم، وقامت بتدمير بعض أجزاء من مدينة يافا القديمة انتقامًا من الفلسطينيين، وقد شهدت هذه المرحلة قدوم متطوعين من الدول العربية المجاورة لمشاركة الفلسطينيين في نضالهم.

ولإيقاف ثورة الفلسطينيين لجأت بريطانيا إلى:

1- زيادة قواتها في فلسطين، وتوسيع عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين.

2- إرسال لجنة برئاسة اللورد (روبرت بل) لمعاينة الأوضاع والتحقيق فيها.

3- بذل الجهود لدى الدول العربية للتوسط عند القيادات الفلسطينية لوقف الإضراب، وقبول الحوار مع اللجنة الملكية التي عينتها بريطانيا للتحقيق في الموضوع.

وقد نجحت المساعي البريطانية لدى الحكام العرب، فترتب على ذلك توقف الإضراب في 11 أكتوبر 1936م، وخفت حدة العنف نسبيًّا لمدة ثلاثة شهور في انتظار نتائج اللجنة.

صور مِن صمود الشعب الفلسطيني خلال ثورة 1936م:

- تجاوز القتلى من الفلسطينيين في هذه المرحلة من الثورة أي خلال النصف الثاني من عام 1936م، الألف شخص وفقًا لتقرير الملكية البريطانية.

- قامت الطائرات الحربية البريطانية بضرب المنازل والمباني الفلسطينية بالقنابل لقمع الثورة، كما قامت قطع الأسطول البحري البريطاني من جهة البحر بفتح نيران مدافعها الثقيلة على الفلسطينيين.

- قامت القوات البريطانية باعتقال أعيان الفلسطينيين، وإعدام المجاهدين من الشباب الفلسطيني على أعواد المشانق في الميادين العامة لإرهاب الأهالي من الفلسطينيين.

- شاركت النساء والفتيات الفلسطينيات في الثورة، حيث قمن بإمداد الرجال بالعتاد والذخيرة، والمأكل والملبس خلال المواجهات الدامية؛ مما شجع الرجال على الصمود في مواجهة العدو بقواته ومعداته وأسلحته، ومدافعه وطائراته.

- وقد بلغت وحشية القوات الإنجليزية إلى التعرض للنساء الفلسطينيات بسلب الحلي من صدورهن ومعاصمهن، بل وإطلاق الرصاص على أطفالهن أمام أعينهن، فلم يمنعهن ذلك من تحريض أزواجهن وأقاربهن وأولادهن على النضال والانتقام من الإنجليز واليهود على السواء، بل كن يقابلن أنباء استشهاد رجالهن بالزغاريد، ويرفضن إقامة أي عزاء من أجلهم؛ لكونهم شهداءً أحياءً عند ربهم، اختارهم الله في جواره.

وقد تسببت الثورة الفلسطينية في عام 1936م "والوحشية التي قُوبلت بها" في إثارة الشعوب العربية في جميع أنحاء العالم العربي؛ فبدأت الحكومات العربية في إظهار الاحتجاج نتيجة غضب شعوبها على الحكومة البريطانية.